بقلم: أسعد عبود
شهد العمل الإحصائي في سورية حالة ارتباك دائمة تمثلت على منحيين: على المنحى الأول.. افتقارنا للإحصاءات التي تغطى بمعلومات رقمية كل مناحي الحياة السورية.. الاقتصادية و الاجتماعية.. والسياسية .. وعلى المنحى الثاني.. فإذا كان هناك بالفعل محاولات جادة لعمل إحصائي مقبول.. كان كفيلا بأن يعطى أكله .. وهو ما يتمثل بتجربة المكتب المركزي للإحصاء.. فقد اتصف بالسير وفق هبات وتراجعات رافقت غالبا ادارة المكتب ومقدرتها و إخلاصها للمهمة.. وقد ارتسمت هناك جهود لقادة احصائيين لا تنكر أبداً.. لكن بقي الإحصاء في سورية غالباً أعجز من ان يمثل بالأرقام الخارطة الحياتية الكاملة لسورية ..!!
وكثيراً ما استعان قرار التخطيط السوري بأرقام من مصدر غير سوري.. وعاني كثيرا من اهتزاز الدقة في الأرقام.. رغم الإمكانات الكبيرة التي تضعها التقنيات الحديثة لتسهيل عمل الاحصائي ومهمته.. إلا أن الوضع هنا استمر على معاناته. لأن الصحيح أنه رغم الحاجة نحن نعادي الرقم او دقة الرقم ..
وأحياناً يكون هناك تدخل بالأرقام لاعتماد الأرقام غير الصحيحة.. إلى درجة المحاربة المباشرة وغير المباشرة لفكرة اعتماد الأرقام و تسهيل تداولها.. ودائماً رفعت إداراتنا راية السرية.. ولا بأس ان تستوردوا الرقم الإحصائي السوري من الخارج ..!! عندما تحتاجه..
قضية دقة الإحصاءات والمعلومات الرقمية الواردة فيها.. عانت منها دول العالم ومجتمعاته.. ينقل عن ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية قوله: أكثر الاحصاءات التي أصدقها.. هي تلك التي زورتها بنفسي، لكن بصراحة عندنا كان الأمر أشد وأدهى .. لأننا نخاف المعلومة ونستعين عليها بالكتمان والحرب على كل من يحاول خرق السرية الرقمية..
هناك سياسة متعمدة لعدم إيراد الأرقام أو حتى الوصول لها ليقوم متطوعون من الخارج بتقديمها بالنيابة عنا وتوظيفها كما يشاؤون..! واليوم.. إذ نحن بلد على الارض بكل مقدراته.. وإذ تنتظرنا مهمة أن نبدأ حياتنا من جديد.. وإذ كنا بالأصل نفتقد الرقم ودلالاته المعلوماتية والدقة فيه.. فما بالنا بحالنا اليوم… ونحن على ما نحن عليه.. من فقر بكل شيء وظروف تجعل من عملية الإحصاء مهمة شبه مستحيلة..
وبالمناسبة.. يساهم الفساد مهمة اساسية في فوضى الأرقام و فقدانها الدقة.. إلى درجة عدم صلاحيتها لاعتماد أي منهج تخطيط أو ادارة مباشرة إن حسنت النيات وحسنت الإرادة وأردنا فعلاً البناء الصحيح أو إعادة البناء .. نحن نحتاج إحصاء.. أعتقد أنها ظروف سيئة التي يمكن أن تواجه الإحصاء .. إلى درجة أن المرء يخجل من المطالبة بإجرائه أو حتى مجرد التفكير به ..!! لكن .. لابد من ما ليس فيه من بد.. لنا عودة ..
– سيرياستيبس-
Discussion about this post